الجنة والنار عياذا بالله الواحد

حمل المصحف
9 مصاحف روابط 9 مصاحف
/ /////

الثلاثاء، 24 مايو 2016

إن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة

حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له به عناية من ظلمه بما يريه من قصور الجنة ونعيمها

قال أبو يعلى : حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا عبد الله بن بكر ، حدثنا عباد بن شيبة الحبطي ، عن سعيد بن أنس ، عن أنس ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر ؟ ما أضحكك يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ؟ فقال : " رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة ، تبارك وتعالى ، فقال أحدهما : يا رب ، خذ لي مظلمتي من أخي . قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته . قال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء . قال الله تعالى للطالب : كيف تصنع بأخيك ؟ لم يبق من حسناته شيء . قال : يا رب ، فليحمل عني من أوزاري " . قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، ثم قال : " إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج فيه الناس إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك ، فانظر في الجنان . فرفع رأسه ، فقال : يا رب ، أرى مدائن من فضة ، وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ لأي صديق هذا ؟ لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن . قال : يا رب ، ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه . قال : بماذا يا رب ؟ قال : بعفوك عن أخيك . قال : يا رب ، فإني قد عفوت عنه . قال الله تعالى : خذ بيد أخيك ، فأدخله الجنة " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " فاتقوا الله ، وأصلحوا ذات بينكم ; فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة " . إسناد غريب ، وسياق غريب ، ومعنى حسن عجيب .

وقد رواه البيهقي ، من حديث عبد الله بن بكر ، به ، وحكى عن البخاري أنه قال : سعيد بن أنس عن أبيه في المظالم لا يتابع عليه . ثم أورده البيهقي من طريق زياد بن ميمون البصري ، عن أنس مرفوعا ، بنحوه ، وفيه نظر أيضا ، وقد يستشهد له بما رواه البخاري في " صحيحه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " .

وقد روى أبو الوليد الطيالسي ، عن عبد القاهر بن السري ، ورواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي ، من حديثه ، عن ابن لكنانة بن عباس بن مرداس السلمي ، وفي رواية ابن ماجه ، عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس ، عن أبيه ، عن جده عباس بن مرداس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة ، فأكثر الدعاء ، فأجابه الله تعالى : " إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا " . فقال : " يا رب ، إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته ، وتغفر لهذا الظالم " . فلم يجبه تلك العشية ، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء ، فأجابه الله : " إني قد غفرت لهم " . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعض أصحابه : يا رسول الله ، تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها ؟ فقال : " تبسمت من عدو الله إبليس ، إنه لما علم أن الله سبحانه ، قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ، ويحثو التراب على رأسه " .

قال البيهقي : وهذا العفو يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسهم ، ويحتمل أن يكون خاصا ببعض الناس ، ويحتمل أن يكون عاما في كل أحد .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن قيس بن زيد - أو زيد بن قيس - عن قاضي المصرين شريح ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يدعو صاحب الدين يوم القيامة ، فيقول : يا بن آدم ، فيم أضعت حقوق الناس ؟ فيم أذهبت أموالهم ؟ فيقول : يا رب ، لم أفسد ، ولكني أصبت ، إما غرقا ، وإما سرقا . فيقول : أنا أحق من قضى عنك اليوم ، فترجح حسناته على سيئاته ، فيؤمر به إلى الجنة " .

وثبت في " صحيح مسلم " ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي يقول الله عز وجل : " اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، واتركوا كبارها . فيقال له : هل تنكر من هذا شيئا ؟ فيقول ؟ لا . وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ، فيقول الله تعالى : إنا قد أبدلناك مكان كل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، إني قد عملت ذنوبا لا أراها هاهنا ؟ " قال : وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه .

وتقدم حديث ابن عمر في حديث النجوى : " يدني الله العبد يوم القيامة ، حتى يضع عليه كنفه ، ويقرره بذنوبه ، حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ويعطى كتاب حسناته بيمينه " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار بن حاتم ، أنبأنا جعفر بن سليمان ، أنبأنا أبو عمران الجوني ، عن أبي هريرة ، قال : يدني الله تعالى العبد يوم القيامة ، فيضع عليه كنفه ليستره من الخلائق كلها ، ويدفع إليه كتابه ، في ذلك الستر ، فيقول تعالى : " اقرأ يا بن آدم كتابك " . فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه ، ويسر بها قلبه ، فيقول الله تعالى : " أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول : نعم ، يا رب ، أعرف . فيقول : " إني قد تقبلتها منك " . قال : فيخر ساجدا ، قال : فيقول الله تعالى : " ارفع رأسك ، وعد في قراءة كتابك . فيمر بالسيئة ، فتسوءه ويسود لها وجهه ، ويوجل منها قلبه ، وترعد منها فرائصه ، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره ، فيقول الله تعالى له : " أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول : نعم ، يا رب ، أعرف . فيقول الله سبحانه : " فإني قد غفرتها لك " . " فيخر ساجدا فيقول الله عز وجل : " ارفع رأسك " . فلا يزال في حسنة تقبل ، وسيئة تغفر ، وسجود عند كل حسنة وسيئة ، لا يرى الخلائق منه إلا ذاك السجود ، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا : طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط . ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله عز وجل ، مما قد وقفه عليه .

وقال ابن أبي الدنيا : وقال أبو ياسر عمار بن نصر : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، أو غيره ، قال : من أوتي كتابه بيمينه أتي بكتاب في باطنه سيئاته ، وفي ظاهره حسناته ، فيقال له : اقرأ كتابك . فيقرأ باطنه ، فيساء بما فيه من سيئاته ، حتى إذا أتى على آخرها قرأ فيه : " هذه سيئاتك ، وقد سترتها عليك في الدنيا ، وغفرتها لك اليوم " . ويغبطه بها الأشهاد - أو قال : أهل الجمع - مما يقرءون في ظاهر كتابه من حسناته ، ويقولون : سعد هذا . ثم يؤمر بتحويله ، وقراءة ما في ظاهره ، فيحوله ، ويبدل الله عز وجل ما كان في باطنه من سيئاته ، فيجعلها الله حسنات ، ويقرأ حسناته حتى يأتي على آخرها ، ثم يقول : " هذه حسناتك ، قد قبلتها منك " . فعند ذلك يقول لأهل الجمع : هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه [ الحاقة : 19 ، 20 ] . قال : ومن أوتي كتابه وراء ظهره يأخذه بشماله ، ثم يقال له : اقرأ كتابك . فيقرأ كتابه في باطنه حسناته ، وفي ظاهره سيئاته ، فيقرؤها أهل الموقف - أو قال : أهل الجمع - ويقولون : هلك هذا . فإذا أتى على آخر حسناته ، قيل : " هذه حسناتك ، وقد رددتها عليك " . ويؤمر بتحويله ، فيقرأ سيئاته . حتى يأتي على آخرها ، فعند ذلك يقول لأهل الجمع : يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه [ الحاقة : 25 - 29 ] .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج - والبذج ولد الشاة - فيقول له ربه عز وجل : أين ما خولتك ؟ أين ما ملكتك ؟ أين ما أعطيتك ؟ فيقول : يا رب ، جمعته وثمرته ، وتركته أكثر ما كان فيقول : ما قدمت منه ؟ فلا يرى قدم شيئا ، فيطلب من الله الرجعة إلى الدنيا وليس براجع إلى الدنيا أبدا " .

وحدثني حمزة بن العباس ، أنبأنا عبد الله بن عثمان ، أنبأنا ابن المبارك ، أخبرنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، وقتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه ، وزاد فيه : " فيقول : يا رب أرجعني آتك به كله . فإذا أعيد لم يقدم شيئا ، فيمضى به إلى النار " . ثم ساقه من طريق يزيد الرقاشي ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقد قال تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم [ الأنعام : 94 ] .

وفي " صحيح مسلم " : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول ابن آدم : مالي ، مالي . وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " . وقال تعالى : يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد [ البلد : 6 ، 7 ] .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا سيف بن محمد ، ابن أخت سفيان الثوري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عدي بن عدي ، عن الصنابحي ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ; عن عمره : فيم أفناه ؟ وعن جسده : فيم أبلاه ؟ وعن علمه : ما عمل فيه ؟ وعن ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ " وقد تقدم عن ابن مسعود نحوه . وروي عن أبي ذر قريب منه ، والله أعلم . وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الغضور بن عتيق ، عن مكحول ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عويمر ، يا أبا الدرداء ، كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة : علمت أو جهلت ؟ فإن قلت : علمت . قيل لك : فماذا عملت فيما علمت ؟ وإن قلت : جهلت . قيل : فماذا كان عذرك فيما جهلت ؟ ألا تعلمت " وقد روي من وجه آخر موقوفا " على أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، فالله أعلم 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق